مساحة إعلانية
قال التلميذ الفتى لأستاذه الشيخ : شفى الله صدر مولانا من السُّعال ، وبرَّد قفاه من وقْع النعال ورزقه الستْرَ عند " الفِعال " ، هل عرف أسلافنا العرب أكشاك الفتوى ؟
قال الأستاذ الشيخُ لتلميذه الفتى : نعمْ يا بُنَيَّ عرفوها ، وهم أول من شادوها ، ألم تقرأ في معلقة زهير بن أبي سلمى يمتدح :
فَأَقسَمتُ (بِالمترو) الَّذي طافَ حَولَهُ ..... رِجال الفتاوى مِن مُنوفٍ ومِتْغَمِ !!
يَميناً لَنِعمَ المُفْتِيانِ وُجِدتُما .................. عَلى كُلِّ شاشات ( الحياة) ودَرْيَمِ !!
وَقَد قُلتُما إِن( نُنْشئْ الكُشْكَ) واسِعاً ..... تكونُ الفتاوى واسعاتٍ ونَسلَمِِ !!
سأل التلميذ الفتى أستاذه الشيخ : فماذا أراد يا مولاي بقوله (مِن مُنوفٍ ومِتْغَمِ ) فإنه مما يعسر على أمثالي من الطلاب .
قال الأستاذ الشيخُ لتلميذه الفتى : زهير هنا يمدح شيخين معروفيْن بمرونة لا تخفَى على أنفِ مستمعٍ أحدهما من منوف والآخر من ( ميت غمر) !! يظهران بالحياة ودريم .
قال التلميذ الفتى لأستاذه الشيخ : ماشاء الله !! رحم الله زهيرًا . فهل عرف أسلافنا العرب يا مولاي ( العيش ) المخبوز من الدقيق الأبيض ؟
قال الأستاذ الشيخُ لتلميذه الفتى : نعمْ يا بُنَيَّ عرفوه ، وهم أول من خبزوه ووزعوه بالبطاقات ، ألم تقرأ قول أبي العلاء المعري يشكو رداءة العيش في زمنه :
وَحَسبُ الفَتى مِن ذِلَّةِ "العَيشِ " أنه ....يَروحُ بِأَدنى القَوتِ وَهوَ حِِباءُ
وَما بَعدَ مَرَ الخَمسَ عَشرَةَ مِن صِباً ........... وَلا بَعدَ مَرِّ الأَربَعينَ صَباءُ
وقد سبقه بالشكوى النابغة الذبياني بعد أن صرف عشرة أرغفة ببطاقته التموينية فلما ذاق طعم الأرغفة اشمأزّ وأنشد :
المَرءُ يَأمُلُ أَن يَعيشَ .... ..... وَ(طَعْمُ) " عَيشٍ " قَد يَضُرُّه !!
تَفنى بَشاشَتُهُ وَيَبقى ...... بَعدَ حُلوِ " العَيشِ " مُرُّه !!
وَتَخونُهُ الأَيّامُ حَتّى .......................لا يَرى شَيئاً يَسُرُّه !!
( إنْ جِبْتُه ببطاقتي )................................ كمْ َقائِلٍ : ... لِلَّهِ دَرُّه !!
سأل التلميذ الفتى أستاذه الشيخ : ألتمس عفو شيخي الجليل في كثرة أسئلتي اليوم !!
قال الأستاذ الشيخُ لتلميذه الفتى : لا جُناحَ عليك يا بني ، فسلْ ما شئت ، فإنني ممنوعٌ من دخولِ بيتي شهريْن متتابِعيْن ولا تسألني عن السبب .
ابتسم الفتى في خُبْثٍ وأومأ بالموافقة ، ثم سأل أستاذه الشيخ : فهل عرفَ أسلافنا العرب عَزْفَ السلام الوطني في مشافيهم ؟
قال الأستاذ الشيخُ لتلميذه الفتى : نعم عرفوه يا بني ، فقد قال المتنبي متضررا من طبيبه الذي انسجم مع عزف السلام وأصابه طربٌ عظيم فاستلقى على أريكته متأثرا باكيا تهطل من عينيه دموع الانتماء الوطني كأنها أمطار طوبة !! ، وترك المتنبي – وكان كلبٌ عضَّه وهو واقفٌ في طابور الخبز - ولم يكشف عليه :
أَرى ذَلِكَ القُربَ صارَ اِزوِرارا ..... وَصارَ طَويلُ " السَلامِ " اِختِصارا !!
وَقفتُ مع العزفِ حتى انحنيتُ ..... و أَضرَمتُ في القَلبِ م الحبِّ نارا !!
فقل لي : يمينًا ، أدور يمينا ....... وقل لي : يسارًا ، أدور يَسارا !!
قال التلميذ الفتى لأستاذه الشيخ : ماشاء الله !! فهل عرف عرف أسلافنا يا مولاي ال.....
قال الأستاذ الشيخُ لتلميذه الفتى : أنت ابن جَزْمة !!