مساحة إعلانية
في العام 1978 كان المرحوم الدكتور علي لطفي وزيرا للمالية ، وكان ممن يردون على كل كلمة تنشر عن وزارته في جميع الصحف وابتكر ابتكارة أسماها حينذاك " إعانةغلاء المعيشة" تُصرَف للموظفين لإنعاشهم اقتصاديا ،
وكانت قد تصل إلى جنيه ونصف الجنيه لو صرفت لنا !!
وكما قال المتنبي :
وقِرْشٌ على قِرْشٍ يصيرانِ حِتَّةً .... ....بخَمْسَاءَ .. في يومينِ تُمْسِي عَشَرْشَرا !!
وكنا في تلك السنة معيدين بجامعة أسيوط نتقاضى راتبا شهريا يتنطط ما بين 22 - 26 جنيها
[ كان كيلو اللحمة وقتها بجنيه وجرام الذهب بحوالي 5 جنيهات ]
وكان قراء الصحف أمثالي يعرفون أن الدكتور علي لطفي يرد كما قلت على جمييييييع شكاوى القراء في جمييييع الصحف بلا استثناء .
وكنا نتساءل في خجل : هل ستصرف لنا نحن المعيدين " إعانةغلاء المعيشة" أوْ لا ؟
ولا نجد من موظفي الماليات إجابة .. فاخترعتُ إشاعة روَّجْتُها بأن المنشور الوارد من المالية بصرفها لم يذكر المعيدين !!
وكان من بيننا مدرس مساعد يكبرنا بسنوات ، وكان من هواة الكتابة في صحيفة الجمهورية ما بين مقالات مطولة أو في بريد القراء ، وحرصتُ على تصدير الإشاعة إليه عبر زملاء سذَّج ممن يسهل إقناعهم ، فما كان من صاحبنا إلا أن دبّج رسالة قاسية كل القسوة تحمل الشكوى من قرار وزير المالية الظالم للمعيدين ونشرها في الجمهورية ..
ومر يوم واحد على النشر
وفي اليوم التالي نُشِر ردٌّ قاسٍ عنيفٌ جدا من الدكتور علي لطفي وزيرالمالية على زميلنا يأسف فيه الوزير على انحطاط مستوى تعيين المدرسين المساعدين إلى هذا المستوى الهابط الذي يثير البلبلة ويفتقر إلى أبسط قواعد تحري صدق المعلومة ...الخ .!
ويؤكد أنها تشمل كل موظفي الدولة بمن فيهم المعيدون والمدرسون المساعدون ..!!
جاءني زميلنا ممسكا بالجريدة ، باكيا حزينا جدا بسبب هذه " الهلهلة " الرسمية وممن ؟ من وزير مرموق !! وأين ؟
في الجمهورية جريدته المفضلة التي تحتضن مقالاته !!
وأخذ يسألني : من أين تسربت هذه الإشاعة ؟
فقلت له مهدئا معزِّيا : " تعيش وتاخد غيرها " المهم أننا تأكدنا أنها ستصرف لنا !!
فصمم على معرفة مصدر الإشاعة : إنتاجا وتأليفا وترويجا ،
فاخترت له اسم زميل غلباااااااااااااان جدا وقلت له : أظن أنها لا تخرج عن فلان !!
فانطلق إليه بكل قوة وعنف ،
في حين جلست أكمل كوب الشاي بالنعناع
وأضحك - في سري- ضحكة شريرة لها طعم اتفاقيات كامب ديفيد !!