2025-05-23 05:29:26
مساحة إعلانية
ساهمت كازاخستان بدور كبير وفاعل في انتصارات الحلفاء على الفاشية والنازية في الحرب العالمية الثانية، فقبل الحرب، كان يعيش في كازاخستان قرابة 6.2 مليون شخص، وخلال سنوات الحرب بلغ عدد من توجهوا إلى الجبهة بأسلحتهم 1.2 مليون كازاخي، أي ما يقارب 20% من اجمالي عدد سكان البلاد، ووفقا لوثائق الأرشيف، ففي بعض مناطق كازاخستان بلغت الكثافة النسبية لأعداد السكان الأصليين، الذين تم حشدهم للحرب ما بين 50 إلى 60% من إجمالى عدد السكان، وأحيانًا أكثر من ذلك، وهذا ما يؤكد على التضحيات الكبيرة التي قدمها شعب كازاخستان في تلك الحرب العالمية العظمى.
في الثاني والعشرين من يونيو 1941 أعلنت ألمانيا عن بدأ عملية بربروسا بهدف غزو أراضي الاتحاد السوفيتي. وبموجب ذلك الإعلان انهارت اتفاقية عدم الاعتداء الموقعة بين الطرفين والمعروفة باتفاقية مولوتوف ريبنتروب، بعد مضي أقل من سنتين على توقيعها. ومع انطلاق عملية اجتياح الأراضي السوفيتية، استعانت ألمانيا بأكثر من "3 ملايين جندي، 4 آلاف دبابة، 7 آلاف مدفع، 3 آلاف طائرة حربية، 600 ألف عربة عسكرية"، ليشهد العالم بداية أكبر عملية غزو عرفها التاريخ. ومع تزايد إمكانية مواجهة تدخل عسكري ألماني طرح العديد من المسئولين السوفيت فكرة نقل المؤسسات الأساسية للبلاد نحو مناطق نائية لضمان تواصل عملها ودعمها لآلة الحرب. ومع بداية الاجتياح الألماني في يونيو 1941 أمر جوزيف ستالين ببدء ما عرف بعملية إخلاء الاتحاد السوفيتي. حيث تم نقل 1526 مصنعًا إلى كل من غرب سيبيريا وآسيا الوسطى وكازاخستان، كما تم نقل ملايين الأشخاص نحو هذه المناطق النائية للعمل بالمصانع، حيث حافظ الاتحاد السوفيتي على مكانته العسكرية خلال الحرب العالمية الثانية وتضاعف إنتاجه الحربي من الدبابات والطائرات وقطع المدفعية والذخيرة مرات عديدة ما بين عام 1941 وعام 1945، وقد دفع العديد من العمّال حياتهم بهذه المصانع بسبب ظروف العمل القاسية، حيث أجبروا على العمل بشكل متواصل لأيام وتحمل درجات الحرارة الباردة.
طبقاً لبعض البيانات التي ظهرت في أوائل عام 1993، بلغت خسائر كازاخستان وحدها في الحرب العالمية العظمي 410 ألف شخص، فقد تحولت كازاخستان خلال سنوات الحرب إلى معسكر حربي قوي، حيث تشكلت على أراضيها أفضل أجزاء ووحدات الجيش السوفيتي الأحمر، حيث شكل ثلث عدد القوات التي تم إرسالها للقتال في الجبهة من تلك الوحدات العسكرية وتلك الألوية. فقد بدأ الطريق العسكري للتشكيلات العسكرية الكازاخستانية في وقت عصيب بالقرب من موسكو في عام 1941 وأنهت مهمتها في برلين في ربيع عام 1945، حيث شاركت تلك الوحدات في الدفاع عن مدينة لينينجراد، كما شاركت في معركة ستالينجراد، ومعركة كورسك، وفى عبور نهر الدنيبر، وتحرير أوكرانيا وبيلاروسيا ومولدوفيا ودول البلطيق، وخلال سنوات الحرب، تم منح 5 وحدات عسكرية اللقب الفخرى "الحراس"، كما تم منحهم عدة أوسمة ونياشين أخرى.
لعب عدد كبير من الكازاخ الذين أصبحوا محاصرين خلف خطوط العدو دورًا نشطًا في حركة حرب العصابات وبلغ عددهم خلال الحرب 3500 فردًا، حيث شكلوا فيما يعرف عسكريًا "الطابور الخامس" الذي ينخرط في الحرب على شكل حرب عصابات غير نظامية من داخل الأراضي التي يسطر عليها العدو. ولذلك فقد أصبح أكثر من 500 من أبناء وبنات شعب كازاخستان أبطالًا قوميين، كما حمل أكثر من مئة شخص من أبناء كازاخستان وسام المجد، كما حصل 97 آخرين على لقب بطل الاتحاد السوفيتي. ومن بين هؤلاء ساجادات نورماجامبيتوف، الذي قاتل في معركة برلين وقاد قوات كتيبته في اقتحام مستشارية الرايخ في أبريل 1945، والذي أصبح فيما بعد أول وزير دفاع في كازاخستان المستقلة. كما كان الكازاخستاني راحيمجان كوشكارباييف، أول جندي يرفع العلم السوفيتي فوق الرايخستاج. وتخصص الحكومة الكازاخستانية معاشات تقاعدية شهرية تبلغ حوالي 400 يورو لقدامى المحاربين، بإجمالي إنفاق يبلغ حوالي 12.700 يورو شهريًا.
يظل يوم النصر مناسبة وطنية مهمة في كازاخستان. حيث يتذكر شعب كازاخستان ما يقرب من 100 ألف كازاخستاني ممن ساهموا في ما يُذكر في جميع جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق باسم الحرب الوطنية العظمى، ولا يزال أكثر من 300 من قدامى المحاربين يعيشون في البلاد.
يسبق يوم النصر يومان مخصصان للمدافعين عن الوطن الأم، بمناسبة ذكرى تأسيس القوات المسلحة الكازاخستانية. حيث يشكل يوم السابع من مايو من كل عام أهمية كبيرة لتعزيز قيم السلام في كازاخستان. فالبلاد تعطي الأولوية لحماية المصالح الوطنية والحفاظ على وحدة الأراضي والاستقرار في المجتمع. والجيش الوطني الكازاخستاني هو الضامن لسيادة البلاد، وهو العمود الفقري الصلب للأمة، كما أن تعزيز القدرات الدفاعية ودعم القوات المسلحة تعد أولويات سياسية غير قابلة للتغيير. وفي هذا اليوم يتم التأكيد على شجاعة الجنود، وهذا ما يشكل دليلًا واضحًا على وحدة الشعب والجيش وتماسكهم الذي لا ينكسر.