مساحة إعلانية
في ليلة شديدة البرودة . جلست الكونتيسة -كورنيليا دي باندي- على كرسي أمام المدفأة وتناولت العديد من كؤوس الخمر . في صباح اليوم التالي لم يجدوا من الكونتيسة سوى قدميها وبعض الاصابع والجمجمة و كومة من رماد لا تتعدي الخمسة كيلو جرامات . حدث ذلك في العام 1731 م حين كان عمرها 62 عاما وتعاني من فرط السمنة الذي كان أحد معايير الجمال آنذاك . جاء في تقرير الطب الشرعي . أن الجثة اشتعلت ذاتيا دون وجود مسبب خارجي وذلك لارتفاع نسبة الكحول في الدم وتوفر دهون الجسم بكثرة مع وجود مصدر للحرارة أدي الى الاشتعال الذاتي . فيما أطلق عليه SHC)) وهو اختصار لجملة Spontaneous Human Combustion
ويعزي تحول الجثة إلى رماد هو وصول درجة الحرارة الى 1500 درجة مئوية . ولم تكن تلك الحالة هي الأولي ولا الأخيرة فقد وصل عدد الحالات المسجلة حوالي 250 حالة على مدار أربعة قرون . حيث سجلت أول حالة في العام 1641 م حيث ذكر الطبيب الدنماركي ( توماس بارثولين ) وصفا مشابها في وفاة الفارس ( بولونوس فيرتيوس ) حيث أشتعل ذاتيا مخلفا كومة من رماد . وتوالت الحوادث حتى قام الفيزيائي الفرنسي ( جوناثي ديبونت ) في عام 1764م إطلاق مصطلح الاحتراق البشري الذاتي على تلك الظاهرة الغريبة والتي أحتار العلماء في معرفة سبب محدد يفسر تلك الحوادث الغامضة .
حيث فسر العالم / بيير إيم ليير في دراسة تلك الظاهرة معللا ذلك بتوفر
سمنة مفرطة + إدمان للكحول +سوائل زيتية + مصدر للحرارة = قنبلة شديدة الانفجار .
ولم يتخلف الأدب والأدباء عن ركب الحدث فقد كتب الروائي الانجليزي / تشارلز ديكنز ( Charles Dicknes) عام 1852م في روايته البيت الموحش ( Bleak House)
نفس الأحداث في إنهاء حياة أحد أبطال روايته
وكتب العراب الدكتور / أحمد خالد توفيق في عام 1983م روايته ( أسطورة اللهب الأزرق ) في سلسلته ما ورائيات نفس الأحداث حيث يشتعل الجسد ذاتيا مصدرا لهبا أزرقا .
وفي عام 1995 صدر كتاب ( ِAplaze) للدكتور /لاري إي أرنولد ( Larry E. ArnoLd)
مدير معهد مختص بدراسة الطواهر الغريبة والخارقة
شارحا العديد من الحالات واسبابها وملابساتها حيث كانت معظم الحالات سيدات ما بين الـ 50 وال 60 من العمر ويتميزن بسمنة مفرطة ومدمنات على الكحول . وغالبا يتم الاحتراق دون تأثر الملابس أو البيئة المحيطة و اقتصار الحريق على الجسم فقط . و أستمرت الحالات في الظهور حتى عام 2007 م حيث أحترق جينز سافين ومن بعده مايكل فاهيرتي عام 2010م . ورغم تشابه الحالات إلا أنه هناك تسجيل لحالات شديدة الغرابة . حي احترقت فتاة تعمل بمرقص وهى تراقص خطيبها وحاول إطفاءها إلا أنه باء بالفشل . كما سجلت الحالة الاغرب لفتاة صغيرة وجدت نفسها تشتعل وحسدها يصدر ضوء أزرق فخرجت إلى والدتها في الحديقة الخلفية للمنزل وهى تضحك أنظري يا أمي جسمي يضئ باللون الأزرق فما كان من الام الا ان قمت فزعة وصارخة على أبنها ليطفئ أخته من ذلك اللهب الأزرق إلا أنها لم تصب بحروق خطيرة .
فسر الدكتور / ستيفن نوفيلا تلك الظاهرة الغامضة بنظرية مفعول الفتيل ( الشمعة ) حيث شبه ملابس الضحية بالفتيل المشبع بدهون ومع وجود حرارة بسيطة تصل الى 28 درجة مئوية و ارتفاع نسبة الكحول في الجسم يؤدي إلى الاشتعال . وقام الدكتور / جون دي هان بإثبات تلك النظرية بلف أحد الخنازير السمينة بقماش مبلل بدهون وأشعل طرف الاقمشة فما كان من الجسم الا ان يلتهب ويذوب حتى العظام انصهرت
. كما ظهرت نظرية الأسيتون حيث فسر بعض العلماء أن ارتفاع نسبة الأسيتون في الدم خاصة مرضي السكر أو متبعي حمية غذائية صارمة يساعد ذلك على الاحتراق الذاتي بسبب ان الاسيتون سريع الاشتعال . و ما لبث أن فسر بعضهم أن وجود غاز الميثان في الامعاء هو السبب في الاشتعال .
ولم تخلو التفسيرات من الخزعبلات حيث أعزى البعض تلك الظاهرة الى الارواح الشريرة هي من تقوم بحرق تلك الشخصيات انتقاما منها . وأرجع البعض الى الانتقام الإلهي من مدمني الخمور والكحوليات .
ولكن حالة الطفل الهندي راحول Rahool
أثبتت عكس ذلك الادعاء حيث تعرض الطفل للاحتراق الذاتي أربع مرات منذ كان عمره تسعة أيام فقط وفي كل مرة يتم إنقاذه مخلفا ندبات عميقة على جسده مما جعل أهل القرية أن يضعوه في المعبد الهندي حتى يتخلصوا من لعنته التي قد تصيب القرية بأكملها . حنى الحضارات القديمة مثل حضارة شعوب الإنكا الواقعة في شمال أمريكا تحدثوا عن تلك الظاهرة وأرجعوا سببها الى تعويذة كتبها أحد الكهنة تقول
( ستلتهم جسدك النار حيا أيها الفاني و ستذروه الرياح بعيدا )
فهل ظاهرة الاحتراق الذاتي لعنة أم من الخوارق التي لم يصل العلم الى تفسير مقنع لها حتى الأن .