مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

منبر

الرأي الحر

ناصر كمال يكتب: صوت العقل (الحضارة المعاصرة بين العولمة ونهاية التاريخ)

2024-06-07 17:00:06 - 
ناصر كمال يكتب: صوت العقل (الحضارة المعاصرة بين العولمة ونهاية التاريخ)
ناصر كمال -كاتب


كنت قد كتبت منذ سنوات مقالات عن نهاية التاريخ كما يراها المفكر الأمريكي فكوياما، وكيف تبلورت تلك الأفكار وشكلت السياسة الأمريكية ورؤيتها للعالم، ويظهر ذلك جليا في التوافق بين أفكار فكوياما وهنري كيسنجر، والذي يعتبر من المؤثرين الأساسيين في صناعة السياسة الخارجية الأمريكية. ويقال إن فكوياما استلهم بعض أفكاره حول التطور التاريخي ونهاية التاريخ من أفكار كيسنجر بشأن تفوق النظام الليبرالي الغربي. وكما أسلفت سابقا في مقالاتي عن نهاية التاريخ، فقد اقترح فرانسيس فكوياما في كتابه "نهاية التاريخ والإنسان الأخير"، أن هذا المفهوم لا يتعلق بنهاية الأحداث التاريخية، بل هو فكرة تفيد أن التطور السياسي والاقتصادي البشري قد وصل إلي نقطة نهائية حيث لا يوجد نظام أفضل من النظام الليبرالي الديمقراطي الرأسمالي. وفقا لهذه الفكرة، تمثل سقوط الاتحاد السوفيتي نهاية الصراع الرئيسي بين النظم السياسية المختلفة، مما يترك النظام الليبرالي الديمقراطي الرأسمالي كالفائز الوحيد. تبلور هذا الفكر في السياسة الأمريكية إلي محاولة مستميتة لفرض النظام الغربي علي دول العالم وأصبحت مفاهيم مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية علي الطريقة الغربية بمكانة الدين الجديد الذي يتم ترويجه وتقديمه للعالم ولكن  لم يتم الأخذ في الاعتبار الفروق الثقافية والدينية والتاريخية بين الشعوب المختلفة؛ لذلك فشلت محاولات التدخل الأمريكي في أفغانستان والعراق وحتي في أوروبا،  فالحرب الروسية الأوكرانية هي نتاج للصراع بين هذا الفكر وبين الفكر الروسي التقليدي علي أراضي أوكرانيا نفسها.
ورغم أن الكثيرين يعتبرون أن العولمة هي فكرة قديمة، حيث إن التبادل التجاري بين الدول موجود منذ القدم، إلا أنهم ينظرون إلي العولمة من الناحية الاقتصادية البحتة. ولكن العولمة بمعناها المعاصر تتضمن تأثيرات ثقافية واجتماعية وسياسية كبيرة. وقد أسهم التقدم التكنولوجي المعاصر في بلورة مفهوم العولمة، وأصبح العالم بالحقيقة قرية صغيرة. ففي حين يدعي البعض أن العولمة أدت إلي الاندماج الثقافي بين الشعوب، إلا أن المراقب لظهور ما أسميه "قيم العولمة" في التسعينيات وازدهارها مع بدايات الألفية الثالثة يجد أن الحرية التي روج لها عبر منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية تم استخدامها لنشر مفاهيم سابقة التجهيز تساهم في تحقيق مصالح اقتصادية وسياسية لكيانات وقوي ودول متحالفة، في مقابل العدالة وتحقيق الأمن والاستقرار وحقوق الإنسان الحقيقية وغير المقولبة. ولكن هذا حديث آخر.

مساحة إعلانية